على عكس الشائع نجح الفاطميون في نشر التشيع بين قطاعات من المصريين في القرنين العاشر والحادي عشر الميلادي، وأوجد ذلك تداعيات مهمة في ثقافة المصريين وأكسب تجربتهم الدينية سياقها الخاص في التاريخ، إذ تسربت بعض أفكار الإسماعيلية إلى الطرق الصوفية، وأوجدت سبيكة إيمانية عند المسلمين المصريين تأخذ من التشيع نزعة تقديس آل البيت، مع احترام وتبجيل الصحابة كما في المعتقد السني، ربما كانت تجربة الإسماعيلية في مصر مهمة في سياق احترام المصري للتنوع والبعد عن الغلو والتشدد.
تعرض الحُكم الشيعي الرسمي لمصر إلى ضربة كُبرى بعد سيطرة القائد صلاح الدين الأيوبي على مقاليد البلاد بسبب نهجه المُعلن في إعادة مصر للحظيرة السُنية مُجدداً، وهي سياسة لم يتوانَ عن تنفيذها منذ أن كان وزيراً للدولة الفاطمية.
تقدم المصادر الفاطمية والأيوبية والمملوكية مادة صالحة لإعادة رسم خريطة الانتشار الديني للإسماعيلية، وهو مذهب شيعي يرى بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وانتشر المذهب على يد دعوة سرية يترأسها الإمام الذي ينحدر من نسل إسماعيل الإمام، لذا عرف المذهب بالإسماعيلية، ونجح الدعاة في إقامة أكثر من دولة إسماعيلية على مجرى التاريخ، أشهرها: القرامطة، وخلافة الفاطميين، ودولة النزارية في ألموت (دولة الحشاشين).
استطاع الفاطميون الإسماعيلية حكم مصر لأكثر من قرنين بقليل (358- 1171هـ/ 969-1171م)، وعملوا على نشر عقائدهم المذهبية بين المصريين، خصوصاً أن هناك عائلات شيعية كانت موجودة في مصر قبل دخول الفاطميين، بحسب المؤرخ المصري ابن زولاق (توفي سنة 387هـ/ 997م)، الذي ذكر في كتابه «فضائل مصر وأخبارها» نماذج لأسر متشيعة في مدينة الفسطاط (عاصمة مصر وقتذاك التي كانت تعرف باسم مصر)، لكن هذا لا يعني إلا أن الوجود الشيعي في مصر كان قديماً، لكنه لم يشكل الأغلبية بين المسلمين في مصر وقتذاك، إذ كانت الأغلبية سنية على مذهب الشافعي أو مالك.
يمكن لنا استخدام النص في القول، إن هذا الوجود الشيعي هو ما استثمرت فيه الدعوة الإسماعيلية التي بدأت نشاطاً مكثفاً في مصر قبل مجيء جيش المعز الفاطمي بنصف قرن، كما أن هذه القاعدة هي من وفرت للفاطميين الفرصة لنشر التشيع بنجاحات متوسطة وفي قطاعات ريفية في المجتمع المصري. وقد أثر المكون الشيعي، الذي غاب عن المشهد نتيجة حركة التسنن في العصر المملوكي، في طبيعة التركيبة الدينية للمصريين وطبيعة التجربة الدينية للمصريين، وهي فرضيات محل نظر هنا.
وبعد غزو الفاطميين مصر وتأسيس القاهرة كان جامع الأزهر مخصصاً لتدريس الفقه الإسماعيلي (الظاهر/ ظاهر الشريعة)، بينما خصص مبنى المحول داخل القصر لتعليم الفلسفة الإسماعيلية (الباطن)، إذ كانت تلقى مجالس الحكمة وتجمع النجوى من المستجيبين، وبعد تأسيس منصب داعي الدعاة رسمياً في سنة 389هـ/ 998م، وأصبح جهاز الدعوة إحدى مؤسسات الدولة الرسمية، الذي تولى من ضمن مهام منصبه الإشراف على نشر الإسماعيلية في مصر، ويذكر ابن الطوير في كتابه «نزهة المقلتين في أخبار الدولتين»، أن من أهم مهام داعي الدعاة «أخذ النجوى من المؤمنين بالقاهرة ومصر، وأعمالها لا سيما الصعيد، ومبلغها ثلاثة دراهم وثلث». وهنا نرى أن ذكر الصعيد تحديداً في هذا النص الذي يورده لابن الطوير، يعبر عن حقيقة تاريخية وهي الوجود الإسماعيلي القوي في مدن الصعيد مما جعل عائد النجوى منها كبيراً.
لدينا أكثر من دليل على كيفية عمل جهاز الدعوة الإسماعيلية في الريف المصري خلال الفترة الفاطمية، فذكر المؤرخ المملوكي القلقشندي (توفي سنة 821هـ/ 1418م)، مجموعة من السجلات الفاطمية (وهي نماذج لوثائق رسمية من العصر الفاطمي) في كتابه «صبح الأعشى في صناعة الإنشا»، غاية في الأهمية لموضوعنا هنا، فأورد مجموعة من السجلات الرسمية المتعلقة بتولي عدد من ولاة الأقاليم في مصر، يهمنا هنا فقرة تتكرر في كل سجل تقريباً، وتتعلق بالكشف عن تنظيم الدعوة الإسماعيلية داخل مصر، إذ إن النصوص الرسمية تلك توضح بلا أي شك حقيقة أنه كان لداعي الدعاة الموجود في القاهرة عاصمة الفاطميين ومركز الدعوة العالمي، نواب في الأقاليم المصرية يشرفون على نشر المذهب الإسماعيلي فيها.
ففي سجل تولي داعي الدعاة نجد إشارة إلى تعيين نوابه: «واستنب عنك في أعمال الدعوة من شيوخ علم الحكمة، ومن تثق بديانته، وتسكن فيه إلى وفور صناعته، واعهد إليهم كما عهد إليك، وخذ عليهم كما أخذ عليك، واستطلق لهم من فضل أمير المؤمنين ما يُعينهم على خدمته، ويحمل ثقلهم عن أهل دعوته»، وبحسب سجل ولاية الإسكندرية نجد أن السجل يخاطب والي الإقليم بـ«اعتمد كل من النائب في الحكم العزيز، والناظر في الدعوة الهادية والمشارف بالثغر والعمال برعاية تحفظ مراتبهم، وتلحظ مطالبهم، وتنفذ الأحكام، وتبلغ بما ينظرون فيه من المصالح غايات التمام، وتعز طائفة الإيمان، وتظهر عليهم أثر الإحسان». ونجد في سجل آخر لوالي الإسكندرية، «وأعن الداعي على ما هو بسبيله من الإرشاد، وقم على إعلاء مناره قيام المغرم الشاد».
وفي نص سجل بولاية قوص: «واعتمد المستخدم في الحكم العزيز والدعوة الهادية ثبتهما الله، بما يُقوي عزمه، وينفذ حُكمه، وأجزل حظه من إعزاز الجانب، وتيسير المطالب، وأحسن إليه العون على صون المؤمنين، واجتلاب المستخبثين». ويسمى نائب الداعي في عسقلان المستخدم في الدعوة الهادية. ونجد في ولاية ثغر لم يحدد مكانه، الإشارة إلى ضرورة أن يراعي الوالي المستخدم في الدعوة الهادية ويعامله بما يشد أزره، ويشرح في دعاء المستجيبين صدره.
ولدينا بعض النصوص المهمة على بعض النجاح الذي حققته الدعوة الإسماعيلية في مصر من انتشار نسبي، ففي بداية عصر الحاكم بأمر الله «تسارع الناس إلى الدخول في الدعوة، فجلس لهم قاضي القضاة عبدالعزيز بن محمد بن النعمان، فقدموا من سائر النواحي والضياع، فكان للرجال يوم الأحد، وللنساء يوم الأربعاء، وللأشراف وذوي الأقدار يوم الثلاثاء. وازدحم الناس على الدخول في الدعوة فمات عدة من الرجال والنساء»، بحسب ما ينقل المقريزي عن مصادر فاطمية معاصرة.
وانفرد الداعي إدريس (وهو داعية إسماعيلي ترأس الدعوة في اليمن وتوفي سنة 872هـ/ 1478م) في كتابه «عيون الأخبار» الذي يعتمد فيه على مصادر فاطمية أصلية، بذكر رواية توضح مدى انتشار الدعوة في الأقاليم المصرية، إذ ذكر رواية عن جدال تطور لتطاول بالأيادي بين أحد أبناء مدينة أطفيح والداعي المقيم في المدينة، بسبب أذان الداعي بمحمد وعلي خير البشر، وهو ما أنكره ابن أطفيح فأمسك بخناق الداعي، ولما عرضت هذه القضية على الإمام الحاكم بأمر الله، شرح لابن أطفيح بأدلة من الحديث النبوي تفضيل علي مع النبي على البشر، حتى أقنعه، ثم ألتفت إلى داعي أطفيح، وقال له: «أيها الشيخ، أذن كيف شئت، فلن يعارضك أحد. ثم قال: إذا دخلت مدينة أهلها عور، فأردت السكنى معهم، فغمض عينك الواحدة».
بلغ من انتشار الإسماعيلية في مصر أن هناك سمعة باتت ملصقة بالمصريين أنهم جميعاً على مذهب الإسماعيلية، ورغم أن هذا غير صحيح، فإن الوزير الحسين بن علي المعروف بالوزير المغربي (ت 418هـ)، واجه هذا الاتهام عندما هرب من الحاكم بأمر الله صوب العراق، وتولى الوزارة فيه لمشرف الدولة البويهي، لذا كتب رسالة طويلة كان من ضمنها التأكيد على مذهبه السني، فقال في نص مهم جداً، «فمما يكثر تعجبي منه أن تستمر هذه الشبهة فيعتقد أن أهل مصر كلهم على المذهب الذي لا يترضى. فإن السنة المصمتة غالبة على أهل مصر حتى لا أعرف واحداً فرداً يشذ عنها، بل ربما تعلق بعضهم بمحبة أهل البيت عليهم السلام، وانفرد بها انفراداً يخص به المحقين منهم ويعدل فيه عن غيرهم، حتى إنه ليس هناك أحد يتشبث بذلك المذهب إلا حشو العوام غرضهم الانتصار به من الذلة والتشرز على نظرائهم من السوقة»، وهي رسالة حفظها لنا المقريزي في كتابه «المقفى الكبير».
ورغم أن نص الوزير المغربي يحاول أن يبرئ صاحبه من تهمة التشيع الإسماعيلي فقد وقع في مبالغة إنكار وجود إسماعيلية بالجملة، ثم وقع في تناقض الإشارة إلى انتشار المذهب بين العوام، وفي الحقيقة إشارته الأخيرة هذه على غاية الأهمية إذ نعرف من نصوص الإسماعيلية وتحركاتهم على الأرض أنهم فعلاً كانوا يستهدفون هذه الفئة من المجتمع في نشاطهم الدعوي بالأساس، لذا كان طبيعياً أن يركز الإسماعيلية نشاطهم الدعوي على الريف المصري.
انتشار الإسماعيلية في صعيد مصر حقيقة وثقها أكثر من مصدر، يهمنا هنا منها كتاب «الطالع السعيد الجامع لأسماء نجباء الصعيد» للمؤرخ الصعيدي كمال الدين جعفر بن ثعلب الأدفوي الشافعي (توفي سنة 748هـ/ 1378م)، إذ يعطينا خريطة جغرافية واضحة المعالم لأماكن تمركز بقايا الإسماعيلية في مصر في القرون التالية لسقوط الفاطميين، وهي معطيات تتكامل مع ما لدينا من شذرات تاريخية في كتب الحوليات الأيوبية والمملوكية، نخص منها بالذكر «كتاب الروضتين في أخبار الدولتين» لأبي شامة (توفي سنة 665هـ/ 1267م)، و«مفرج الكروب في أخبار بني أيوب» لابن واصل (توفي سنة 697هـ/ 1298م)، و«السلوك لمعرفة دول الملوك» للمقريزي (توفي سنة 845هـ/ 1442م).
يقول الأدفوي عن أسوان، «ولما كانت البلاد للعبيديين [أي الفاطميين] غلب على أهلها التشيع، وكان بها قديماً أيضاً، وقد قل ذلك واضمحل، ولله الحمد والمنة»، وعن أدفو، «وكان التشيع بها فاشياً، وأهلها طائفتان، الإسماعيلية والإمامية، ثم ضعف حتى لا يكاد ينبز به إلا أشخاص قليلة جداً»، أما إسنا فـ«كان التشيع بها فاشياً، والرفض بها ماشياً، فجف حتى خف، ونزل بها الشيخ بهاء الدين هبة الله القفطي، فزال بسبب كثير من ذلك، وهدى الله على يديه خلقاً كثيراً»، وبلغ من شهرة إسنا بالتشيع، أن عز الدين إسماعيل بن هبة الله بن علي الإسنائي (توفي سنة 700 هـ) لما دخل حلب ظن شيعتها أنه شيعي كونه من إسنا، فاضطر إلى تأليف كتاب في فضل أبي بكر الصديق لينفي عن نفسه التشيع.
ويستكمل الأدفوي معلوماته قائلاً عن أصفون، «بلدة معروفة بالتشيع الشنع، لكنه جف بها وقل»، وهو ما يؤكده المؤرخ المملوكي ابن دقماق في كتابه «الانتصار لواسطة عقد الأمصار»، «وهي بلدة معروفة بالتشيع الشنيع، لكنه خف منها وقل ولله الحمد»، أما أرمنت «كان أيضاً التشيع بها كثيراً، فقل أو فقد». أما قوص فكانت مركزاً أساسياً للتشيع في العصر الفاطمي كما أثبت جان كلود جارسان في كتابه التأسيسي «قوص: ازدهار وانهيار حاضرة مصرية»، ومعلومات الأدفوي مؤكدة عبر مصدر آخر هو كتاب «نخبة الدهر في عجائب البر والبحر»، للعالم الدمشقي شمس الدين الأنصاري (ت 727هـ/ 1327م)، الذي يقول، «وأصفون بلدة طيبة بها طائفة من الإسماعيلية والرافضة الإمامية وطائفة من الدرزية والحاكمية، وكذلك أرمنت وإسنا»، ونصه مهم في تعداد الطوائف الشيعية في مدينة أصفون، كما أنه يؤكد المعلومات التي يوردها الأدفوي بشكل مستقل.
من المهم أن نشير هنا إلى أن الشواهد الأثرية تتوافق مع المعلومات التاريخية الأدبية حول أماكن تمركز الإسماعيلية فلدينا بقايا مساجد فاطمية في مئذنة بلال في أسوان، ومئذنة جامع إسنا، وكذلك مئذنة أصفون المطاعنة، والجامع الكبير بقوص، وكذلك مئذنة جامع أبو الحجاج الأقصري التي تشير إلى وجود جامع فاطمي قبل أن ينسب إلى القطب الصوفي الشهير، وهناك مئذنة قرية دلاص ببني سويف. وكل هذه المآذن حافلة بشعارات الدولة الفاطمية الشيعية الإسماعيلية.
فهل استخدمت هذه الجوامع مراكز لنشر الدعوة الإسماعيلية؟ على ما يبدو لنا أن هذا ما جرى فعلاً، فنحن نعرف أن من بنى جامع إسنا هم أسرة بني النضر وهي أسرة شيعية تولت القضاء للفاطميين في إسنا، وفي أحيان كثيرة جمع منصب القاضي والداعي لشخص واحد، بحسب ما يذكر فرج حسين، في كتابه المهم «النقوش الكتابية الفاطمية على العمائر في مصر».
ويرى فرج حسين أن إصرار الفاطميين على وضع لوحات تذكارية على هذه الجوامع والمساجد والأضرحة كان بهدف دعوي عبر نشر مذهب وأفكار الدولة الإسماعيلية والإعلان عنه بصورة واضحة في النقوش التأسيسية للجوامع التي كان واضحاً وضعها في المداخل الخاصة بها وفي أماكن مرتفعة لكي تكون منظورة من الجميع. فهل استخدمت هذه الجوامع والمنشآت الدينية في نشر الأفكار الإسماعيلية؟ لا نملك أدلة قوية لكننا نميل إلى الإجابة بنعم على هذا السؤال، خصوصاً إذا استعدنا واقعة داعي أطفيح.
هناك نماذج لشيعة إسماعيلية في المجتمع المصري، إذ لم يختفِ الإسماعيلية بين ليلة وضحاها، بل ظل كثير منهم في المجتمع المصري يسعون على أرزاقهم يحاولون الحياة بشكل وبآخر، مع ملاحظة أنهم حاولوا الاندماج في المجتمع، حتى ولو أدى ذلك إلى إخفاء حقيقة مذهبهم في بعض الأحيان. بل إن الدعوة الإسماعيلية لنسل الخليفة العاضد بالله آخر خلفاء الفاطميين استمرت لعقود بعد وفاته، ويحتفظ لنا المؤرخ ابن واصل بنص غاية في الأهمية حول تتبع نشاط الدعوة الإسماعيلية في مصر بعد الفاطميين إذ يقول،
«ثم لما توفي العاضد وزالت دولتهم، قالت دعاتهم: إن الإمامة بعده لابنه داوود بن العاضد، ولقبوه الحامد لله، ثم توفي داوود هذا في أيام الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب في الحبس، ثم قالوا إنها صارت بعده لابنه سليمان بن داوود بن العاضد، وكان هذا سليمان قد أدخلت أمه إلى داوود في الحبس سراً فوطئها داوود فحبلت بسليمان، ثم حملت الجارية إلى الصعيد فولدت سليمان، وترعرع وخفي أمره من الدولة الأيوبية عند بعض الدعاة، فأعلم السلطان به، وأظنه الملك الكامل بن الملك العادل، فظفر به وحبسه بقلعة الجبل».
بعدها يحكي ابن واصل أنه سافر مصر واطلع عن قُرب على مدى وجود الإسماعيليين في مصر بعدما وصله خبر سليمان كبير دعاتهم «سمعت أن دعوة الإسماعيلية المصريين له، ولهم فيه اعتقاد عظيم، ورأيت من اجتمع به وتحدث معه، فسألته عنه فأخبر أنه في غاية الجهل والغباوة».
وهناك كثير من أخبار المصريين المتشيعين مبثوثة في المصادر التاريخية، نكتفي هنا بذكر عبد القادر بن مهذب بن جعفر الأدفوي، الذي ذكره الأدفوي في كتابه «الطالع السعيد»، إذ يقول عنه، «ابن عمي، كان ذكياً جواداً متواضعاً... كان إسماعيلي المذهب، مشتغلاً بكتاب الدعائم، تصنيف النعمان بن محمد، متفقهاً فيه، وكان فيلسوفاً يقرأ الفلسفة… وكان مؤمناً بالنبي صلى الله عليه وسلم… ويعتقد وجوب أركان الإسلام، غير أنه يرى أنها تسقط عمن حصل له معرفة بربه، بالأدلة التي يعتقدها، ومع ذلك كان مواظباً على العبادة في الخلوة والجلوة والصيام، إلا أنه يصوم بما يقتضيه الحساب… ومرض فلم أصل إليه، ومات فلم أصل عليه… وأظن وفاته في سنة (726هـ/ 1326م)». كما ذكر الدكتور محمد كامل حسين في كتابه «التشيع في الشعر المصري في عصر الأيوبيين والمماليك»، كثيراً من نماذج لشعراء وأشعار شيعية بحتة بها مؤثرات إسماعيلية.
هكذا عرفنا كيف كان الوجود الإسماعيلي في الريف المصري، خصوصاً في الصعيد إذ تمركز الوجود الإسماعيلي بحسب ما عندنا من مصادر، ولا يعني هذا أن مصر كلها كانت إسماعيلية شيعية، بل إن هناك قطاعاً من المصريين اعتنق المذهب الإسماعيلي، وتجلى هذا في تمركزهم في عدة مدن لفترات طويلة استمرت حتى العصر الأيوبي والمملوكي.
# تاريخ # الدولة الفاطمية # صلاح الدين الأيوبي # الشيعة # تاريخ مصر